mercredi 2 février 2011

تسابيح الثورة......بين مصر و تونس

تسابيح الثورة......بين مصر و تونس                               ليلة الجمعة ٢٨ جانفي

مثلي البارحة و أنا جالس أمام شاشة التلفزة و عيناي تجرف دموعا شجنا مما أرى منتظرا ذلك النبأ العظيم (نبأ خلع حسني مبارك) كمثل رجل في المستشفى ينتظر ميلاد إبنه من أم هي الثورة....كنت أنتظر ممرضة قناة الجزيرة أن تقول لي أن الام قد ولدت طفلا كريما حتى أخبرتني أن الأمر خطير يحتاج لوقت طويل،فزادت من شجني و دارت في ذهني أفكار كثيرة منها فكرة العقد الإجتماعي لجون جاك روسو الأب الفكري للثورة الفرنسية ، فبحثت عن مثيلتها في عالمنا العربي فلم أجد غير الفكرة التي كتبها بدمه أب الثورة التونسية الشاب البوعزيزي التي تقول:حرية كرامة عدالة إجتماعية...ثم بعد هنيهة خرج على طبيب المستشفى و قال لي و هو يشجبني:كيف تنتظر ولدا من أم ليست بحامل،صدمت حينها و جثوت على ركبتيا حزنا و أخذت هاتفي النقال لأسأل أستاذي في علم السياسية العربية ليخبرني مايلي:
ياولدي إن النظام المصري ليس كالنظام التونسي و إن كانا يشتركاني في امور كثيرة فكليهما دكتاتوريا و كليهما قمع شعبه و لكن لا ننسى نقاط أخرى أساسية يا ولدي:
- مصر فيها سفارة إسرائيلية و حليف إستراتيجي للولايات المتحدة الامريكية.
- تونس ليس فيها إخوان مسلمين لأن أغلبية المتظاهرين من منظمات و نقابات للشغل،أما مصر فأغلبية المتظاهرين هم من الإخوان و هذا ما يرفضه الغرب و حلفاؤه.
و بينما كنت أتكلم مع أستاذي على الهاتف حتى دخل أبي و عيناه محمرتان فقال لى و هو يرتعش غيضا و غضبا على ما يحدث : ألا بعدا لمبارك كما بعد زين العابدين ، ألا سحقا لمبارك كما سحق زين العابدين، و أخر دعوانا أن اللهم أنصر الثائرين.
رد مع اقتباس

مصر.....عندما تموت السياسة:

مصر.....عندما تموت السياسة:

لا يمكن أن نصف ما يحدث في مصر الأن إلا أنه موت للسياسة لان السياسة هي لغة الإتصال بين الحاكم و المحكوم و ألف باء تلك اللغة في النظم الديمقراطية هي المظاهرات،و الإنتخابات فالحاكم ينصب بالإنتخابات و ينزع أو يغير الإنتخابات أو المظاهرات ...
فالمشكلة في مصر الأن أصبحت بين المتظاهرين و الو.م.أ التي ترفض زوال نظام مبارك لأنه يمثل مرتكزا ترتكز عليه السياسية الخارجية للو.م.أ في المنطقة وبالتالي فنهاية ذلك النظام هي نهاية لكل المعاهدات و الإتفاقيات التي بذلت الو.م.أ أكثر من نصف قرن لتحققها....
و للضغط على النظام الأمريكي لابدا من إقناع الرأى العام الأمريكي لأنه هو الوحيد الذي يمكنه تغيير السياسة الخارجية للو.م.أ ، من أجل ذلك أغلقت الحكومة المصرية قناة الجزيرة لأن الجزيرة هي الوحيدة التي يمكنها التأثير على الرأي العام العالمي و الإمريكي بصفة خاصة ، لأن المشكلة الأن لم تعد بين الشعب المصري و النظام المصري و إنما هي بين الشعب المصري و النظام الأمريكي.
لذلك فعلى المصريين أن يصبروا و يزيدوا من تظاهراتهم فلو خرجت اليوم مظاهرات مليونية كما خططت له قوى المعارضة فإن الامر حتما سينتهي و يندثر نظام حسني مبارك ...لكن صعوبة الإتصال بين قيادات المعارضة و الشعب المصري قد تكون حاجزا أمام تحقيق المظاهرات المليونية و هذا هو التحدي الذي يجب على قوى المعارضة أن تتغلب عليه في الظروف الراهنة .

لثورة.....المنعرج التاريخي:



الثورة.....المنعرج التاريخي:

الثورة كما يعرفها علماء الإجتماع و السياسة هي تغير جذري في بنية المجتمع السياسية و الأجتماعية فبنية المجتمع قبل الثورة تخالف بل و تناقض في كثير من الأحيان بنيته قبل الثورة....ففرنسا ما بعد ثورة 1789 تناقض فرنسا ماقبل 1789 ، و بريطانيا ما بعد ثورة 1668 تناقض بريطانيا ما قبل 1668،و الو.م.أ بعد ثورة 1776 نفس الشئ.

و سنة التاريخ و قانونه أن تلك المنعرجات في تاريخ المجتمعات لا تتم مجانا و إنما لابدا من ضريبة يدفعها أفراد ذلك المجتمع ، فالإنسان عندما ينتقل من المرحلة الجنينية في بطن أمه الى مرحلة الحياة الدنيوية ،تدفع أمه ضريبة الألم الشديد الذي تعانيه، ولا يدرك ذلك الألم إلأ من رأى المشهد أمامه و في بعض الأحيان تدفع الام حياتها ضريبة لهذه المرحلة، و لكن سرعان ما تنتهي تلك الحالة و ينمو الطفل و يكبر....و كذلك عندما ينتقل الإنسان من مرحلة الطفولة الى مرحلة الرشد و الرجولة فهو يمر بمرحلة فاصلة و خطيرة هي مرحلة المراهقة التي قد يقوم فيها الطفل بتصرفات طائشة تؤذيه او تؤذي أهله، و كذلك ثورة الشعوب.
و بالتالي فما يقوله البعض من أن ثورة الشعب في مصر و قبلها ثورة الشعب التونسي أدت الى حدوث عمليات نهب و ترويع كنا في غنا عنها  فلو صبرنا لأنتقلنا الى الديمقراطية و الحرية بطريق سلسة سلمية....و هذه مثاليات الشعراء لا توجد قاموس ثورات الشعوب عبر التاريخ.
صحيح بالإمكان أن نخفف من ألم المرأة أثناء الولادة ببعض العقاقير و الأدوية أو نوجه الطفل في مراهقته و نرشده حتي يمر بها بسلام ، و كذلك الشعوب في ثوراتها يمكن أن نهذب الإحتجاجات و المظاهرات للتخفيف من الضحايا و الخسائر و لكن لا يمكن أن نجعلها وردية مثالية كما يقول البعض.... فساعة و احدة في حياة الحرية و الديمقراطية ستنسينا عذاب و مشقة الدكتاتورية لعقود عدة كما تنسى الام عذابها عندما ترى طفلها أمامها.

لا يمكن لهذه الثورة أن تفشل لأن فشلها هو بمثابة تأجيل للتحول الديمقراطي لعقود بل و لقرون عدة.